الحملة الصليبية الثانيةكانت ثاني
حملة صليبية رئيسية تنطلق من
أوروبا ، دُعي إليها عام
1145 كرد فعل على سقوط
مملكة الرها في العام الذي سبق. حيث كانت الرها (إديسا) أول مملكة صليبية تقام خلال
الحملة الصليبية الأولى (
1096 -
1099) وكانت أول
مملكة تسقط كذلك. دعا إلى الحملة الثانية
البابا إيجونيوس الثالث ، وكانت أول
حملة يقودها ملوك أوروبا، وهم
لويس السابع ملك فرنسا، وكونراد الثالث ملك
ألمانيا، وبمساعدة عدد من
نبلاء أوروبا البارزين. تحركت
جيوش الملكين كل على حدة في أوروبا، وأخرهم بعض الشيء
الإمبراطور البيزنطي مانويل الأول كومنينوس؛ وبعد عبور الجيوش المناطق البيزنطية من
الأناضول، هُزم كلا الجيشين على يد
السلاجقة، كل على حدة. ووصل كل من لويس وكونراد وشراذم جيوشهما إلى القدس
عام1148 م ، وهناك إتبعوا نصيحة أثبتت كونها سيئة بالهجوم على
دمشق وفشل الصليبين فشلاً ذريعاً .
كانت الحملة الصليبية الثانية إلى
الشرق فشلا كبيرا للصليبيين، ونصرا للدويلات الإسلامية. وأدت نتائجها إلى سقوط
القدس وقيام
الحملة الصليبية الثالثة في نهاية
القرن الثاني عشر الميلادي بعد سلسلة من الاحداث في
الشام .
كان النصر الصليبي الوحيد في تلك الحملة على الجانب الآخر من
البحر الأبيض المتوسط، حيث قام الصليبيون
الإنجليز أثناء عبورهم للبحر
السفن بالتوقف مصادفة قرب
لشبونة، وساعدوا في السيطرة عليها عام
1147 م. وفي تلك الأثناء، في
أوروبا الشرقية، كانت أولى الحملات الصليبية الشمالية لتحويل
القبائل الوثنية للمسيحية قد بدأت، واستمرت تلك الحملات بعد ذلك
لقرونالحملة الصليبية الثالثةبين عامي
1189 م و
1192 م كانت محاولة من القادة الأوروبيين لإعادة السيطرة على الأرض المقدسة بعد أن عاد ليسيطر عليها المسلمون بقيادة
صلاح الدين الأيوبي.
خلفية تاريخيةبعد فشل الحملة الصليبية الثانية، أصبح لنور الدين السيطرة على دمشق ووحد سوريا تحت رايته، وكان وصول نبأ سقوط مملكة القدس إلى
أوروبا كنتيجة
لمعركة حطين صاعقا. فإن البابا
أوربان الثامن ما أن علم بما حدث، حتى توفي من وقع الصدمة. ودعا خليفته، البابا
غريغوريوس الثامن، بمنشور باباوي بتاريخ
29 أكتوبر 1187 م وزعه من فيرارا، الكاثوليك إلى حملة صليبية جديدة، وأمرهم
بالصيام كل أسبوع في يوم
الجمعة على امتداد خمس سنوات ، كما أمرهم بالامتناع كليا في هذه الحقبة من الزمن عن اكل اللحم مرتين في الأسبوع، والدعوة إلى الحرب الصليبية -وقد قام بها ببالغ الهمة الكاردينال إنريكو من ألبانو-، وبعد شهرين حلّ البابا كليمنت الثالث مكان غريغوريوس، واستكمل المهمة، وقام الكاردينالات بالتطواف مشيا على الأقدام في عموم
فرنسا وإنجلترا وألمانيا.
انطلاق الحملةقامت الحملة الصليبية الثالثة من سنة 1189 م إلى سنة 1192 م، واشترك فيها بوجه الخصوص الإقطاعيون الكبار والفرسان من بلدان
أوروبا الغربية، وكانت المصالح التجارية في الشرق للدول الإقطاعية قد اكتسبت مكانا مهما في سياساتها.
قاد الجيوش الصليبية كل من ملك فرنسا فيليب أوغست الثاني ، ملك
إنجلترا ريتشارد الذي لقب لاحقا بقلب الأسد، وملك الجرمان (ألمانيا) فريدريك الأول بربروسا، وتحركت القوات الألمانية قبل غيرها في
11 مايو 1189 والتي كان قوامها قرابة 30 ألفاً من الفرسان والمشاة، وأدت حملته إلى خراب في مملكة بيزنطة، ولكن بربروسا غرق في
10 يونيو 1190 في نهر اللامس، مما أحدث ربكة في صفوف الصليبيين، فعاد بعضهم وجحد بعضهم الآخر
بالمسيحية فاعتنق
الوثنية وأكمل الباقون حتى وصلوا إلى
عكا. أما الفرنسيون والإنجليز، فلم ينتهوا من الاستعداد للحملة حتى
صيف 1190 ، وفي
4 يوليو 1190، عبر ريتشارد وحاشيته
مضيق المانش، واجتمعت الفصائل الإنجليزية والفرنسية في مدينة فيزليه، ولكن القوات انفصلت وتوجه الفرنسيون إلى
جنوة والإنجليز إلى
مرسيليا حيث كان أسطول ريتشارد المكون من 200 سفينة ينتظر بعد التفافه حول
إسبانيا، ومن هناك انطلق الجيشان إلى صقلية، حيث وصلوا في
سبتمبر من 1190، وقرروا قضاء
الشتاء هناك، وفي تلك الفترة، كان ريتشارد يعمل لأجل توسيع نفوذه بالسيطرة على صقلية، مما أدى إلى تردي العلاقات بين قائدي الجيشين.
بعد حوالي ستة أشهر في صقلية، أبحر فيليب الثاني من مسينا في
30 مارس 1191 م، ولحق به حليفه الذي لم يعد رفيق طريقه بعد 10 أيام، فمضى الفرنسيون إلى
صور، أما ريتشارد فاحتل في طريقه جزيرة
قبرص، الأمر الذي أصبح ذا أهمية كبرى فيما بعد، فإن ممالك الصليبيين لم تكن لتصمد لمئة سنة أخرى إلا بفضل الدعم العسكري من قبرص.
قام الصليبيوون بحصار
عكا، فكان الفرنسيون وفصائل الأسياد المحليين والألمان والدينماركيون والفلمنكيون الإيطاليون، واستمر حصار هذه القلعة المنيعة أشهرا، ساهم في طول هذا الحصار الخلاف الداخلي في صفوف الصليبيين، ووصل ريتشارد إلى عكا في
7 يونيو 1191، وفي
11 يوليو 1191 م، بدأ هجوم عام ، كان ريتشارد من اقترحه، وفي اليوم التالي استسلمت المدينة التي أنهكها الحصار المديد، وجرت مذبحة بأمر ريتشارد وتحت قيادته في عكا، قتل فيها رجاله أكثر من ألفي
مسلم أخذوهم من
صلاح الدين بعد فتح عكا كرهائن.
وتلى ذلك محاولات قادها ريتشارد لاحتلال مدن اخرى، باءت بالفشل وجسّدت ريتشارد في صورة بنزعة إلى سفك الدماء، وفي
2 سبتمبر 1192 عقد الصلح مع صلاح الدين بما عرف
بصلح الرملة، واحتفظ الصليبيون بشريط ساحلي يمتد من
صور إلى
يافا، ويحكم المسلمون بقية المناطق في بلاد الشام من ضمنها القدس، وسمح صلاح الدين للحجاج والتجار بزيارة القدس.