فوجئ عموم المواطنين خلال الأسبوعين الأخيرين بارتفاع مهول في أسعار الخضر
والفواكه بمختلف الأسواق المغربية، حيث تضاعفت أثمان بيعها ثلاث مرات، في
هذه الفترة التي تعرف عودة المهاجرين، مقارنة بالأسابيع القليلة الماضية.
ورجحت بعض المصادر أن يستمر ارتفاع أسعار الخضر والفواكه، خصوصا مع اقتراب
شهر رمضان الذي يعرف إقبالا متزايدا على جملة من المواد الأساسية. وتبعا
لذلك، ارتفع ثمن الطماطم في الأسواق العمومية من ثلاثة إلى سبعة دراهم،
كما ارتفع ثمن البطاطس من ثلاثة إلى خمسة دراهم، والبصل من درهم ونصف إلى
أربعة دراهم، فيما انتقل سعر الجزر من درهمين إلى أربعة دراهم، والفاصوليا
من خمسة إلى 12 درهما. والشيء نفسه بالنسبة إلى الفواكه التي تتراوح
أثمنتها ما بين 12 و30 درهما، حسب الأنواع. وعزا العديد من المتتبعين
الارتفاع المهول لأسعار الخضر والفواكه في الفترة الأخيرة، إلى جملة من
العوامل أبرزها المضاربات التي يمارسها الباعة بالتقسيط.
ومن خلال مقارنة أسعار السوق المعروضة للمواطنين ولائحة أثمان الخضر
والفواكه المعلقة بسوق الجملة، والتي يستفيد منها تجار التقسيط، يلاحظ أن
هناك فرقا كبيرا بين الاثنين، حيث لم يتجاوز سعر البطاطس في سوق الجملة
بالرباط أمس الخميس درهمين و30 سنتيما، والجزر درهمين و8 سنتيمات،
والطماطم ثلاثة دراهم ونصف، والبصل درهما و80 سنتيما.
إلى ذلك، قال محمد بنقدور، رئيس الكونفدرالية لحماية المستهلك، إن
الكونفدرالية تتبعت الارتفاع المتواصل لأسعار الخضر والفواكه خلال الفترة
الأخيرة. وأرجع بنقدور ارتفاع الأسعار المستمر إلى قانون 06/77 المتعلق
بحرية الأسعار. واعتبر أن تحرير الأسعار جعل السوق خاضعا للعرض والطلب،
حيث يتحكم الباعة، الذين لم يعودوا ملزمين بنسبة مائوية معينة، بل يبيعون
بالثمن الذي يريدون، حتى وإن تجاوز الثمن الحقيقي بثلاثة أضعاف. وحمل
بنقدور مسؤولية الارتفاع المتواصل للأسعار إلى الدولة التي خفضت أموالا
طائلة في صندوق المقاصة دون أن تعمل على دعم المواد الأساسية التي يحتاجها
المواطن، ودون أن تراقب الأسعار التي صارت خاضعة لمزاج المضاربين.
من جهته، قال علي برقية، قائد سوق الجملة بالرباط إن أسعار الخضر والفواكه
تبقى خاضعة لقانون العرض والطلب. وأشار برقية في تصريح لـ«المساء» إلى أن
قانون تحرير الأسعار والمنافسة جعل البائعين يتحكمون في الأسعار شريطة
توفرهم على الفاتورة التي اقتنوا بها السلع من سوق الجملة، وكذا إعلان
الأسعار وإشهارها، مشيرا إلى أن الباعة بالتقسيط لم يعودوا ملزمين بنسبة
مائوية معينة.
ولم
يخف المتحدث ذاته أن المضاربات من بين أهم الأسباب التي أدت إلى ارتفاع
أسعار الخضر والفواكه خلال الفترة الأخيرة، إلى جانب عوامل أخرى تتمثل
أساسا في العرض والطلب، وقلة بعض المنتجات التي تضررت بفعل عامل الجفاف،
وارتفاع موجة الحرارة منذ الشهور الأولى للصيف، والتي أثرت إلى حد كبير في
بعض المنتجات الموسمية، خاصة تلك التي تعرف بين المهنيين في سوق الخضر
والفواكه بـ»سلعة الما»، أي المنتجات سريعة التلف، كالطماطم والخوخ...
وغيرهما.
وبرأي العديد من المراقبين، فإن أسعار الخضر والفواكه ارتفعت خلال الفترة
الأخيرة، التي تعرف إقبالا متزايدا، خاصة مع موسم عودة المهاجرين، وهي
المناسبة التي يستغلها عدد من الباعة للرفع من ثمن بعض المنتجات الأساسية.
ولم يخف عدد من العاملين بالقطاع أن قانون تحرير الأسعار والمنافسة فتح
الباب في وجه المضاربين للتحكم في الأسعار التي لم تعد تتلاءم وجيوب
المواطنين البسطاء. كما أن عدم تفعيل قانون حماية المستهلكين «المحتجز»
منذ مدة في رفوف الأمانة العامة للحكومة، يزيد من حدة المضاربات. ويرى
العديد من المتتبعين أن تفعيل قانون حماية المستهلك سيمثل ثورة حقيقية،
حيث ضم بنودا مهمة من شأنها ضبط قطاع الاستهلاك وحماية المستهلكين.
وبمقتضى قانون حماية المستهلك، ستصبح للمستهلك ضمانات كثيرة، حيث سيتعزز
دور مصالح مراقبة الغش ومراقبة جودة الخدمات، كما سيتقوى دور جمعيات حماية
المستهلك في ظل تزايد المخاطر المرتبطة بالصناعات الاستهلاكية وطغيان هاجس
الربح والتسويق لدى المنتجين والباعة
ويتوخى قانون حماية المستهلك توضيح الحقوق الأساسية للمستهلك، كالحق في
حمايته من الأخطار المهددة للسلامة، والحق في إخباره بمختلف البيانات
المتعلقة بالمنتوجات والسلع والخدمات، والحق في التعويض عن الأضرار.
وبمقتضى القانون الجديد، فإن الباعة ومقدمي الخدمات ملزمون بإخبار
المستهلك بكل البيانات والمعلومات المتعلقة بالسلع، فضلا عن تنظيم الإشهار
التجاري، وتنظيم التعاقد بين البائع والمستهلك من أجل حماية المستهلك من
كل الشروط التعسفية في العقود المبرمة، ومعاقبة الممارسات التجارية غير
المشروعة مثل البيع أو الخدمة بمكافأة، أو الامتناع عن البيع أو تعليقهما
على شرط، أو استغلال الضعف أو الجهل..
ـ
.
القانون الجديد ينص كذلك على ضمان استجابة السلع والخدمات لمواصفات
السلامة والصحة، ومعاقبة الذين يعرضون سلعا وخدمات غير مطابقة للمواصفات
المحددة، فضلا عن تنظيم وتقنين قروض الاستهلاك، وإحداث جمعيات للمستهلكين
للدفاع عن حقوق المستهلك، وإعطاء هذه الجمعيات حق التقاضي باسم
المستهلكين.
ولم يخف العديد من المهنيين أن عرقلة تأخير إخراج قانون حماية المستهلك
إلى حيز التطبيق، يفسح المجال للمضاربين للتحكم في الأسعار على حساب
المواطنين البسطاء