يتوجه شاب ، يدعى لوكيوس ، من مدينة كورنث ،
لأسباب عائلية إلى مدينة هيباتا بمقاطعة تيساليا . فيلتقي في طريقه اليها
بمسافرين ، سمع من أحدهما
حكاية بشعة ، و لكنها مثيرة عن الأعمال السحرية ، حركت فضوله . و عندما
وصل مدينة هيباتا ، نزل ضيفا على غني بخيل يدعى ميلو ، و التقى في المدينة
بقريبة لأمه اسمها بيرهينا ، حذرته من الأعمال السحرية ، التي تمارسها
بامفيلا ، زوجة مضيفه ميلو ، و عرضت أن يقيم عندها تجنبا لما قد يناله
بسببها من متاعب ، و لكنه رفض عرضها حتى لا يجرح شعور مضيفه البخيل ، و
زاد هذا التحذير من فضوله و من رغبته في التعرف على هذه القوى السحرية
الغامضة . و أخذ يتقرب ، لبلوغ هذا الغرض من فوتيس خادمة بامفيلا . في يوم
من الأيام ألح على فوتيس أن تمكنه من رؤية سيدتها و هي تمارس أعمالها
السحرية ، فوعدته بتحقيق رغبته في وقت قريب . و وفت بما وعدته فعلا ،
فقادته إلى مكان خفي ، استطاعا منه أن يلاحظا معا كيف أخذت بامفيلا مرهما
من إحدى العلب و دهنت به جسمها ، فتحولت إلى بومة و طارت مبتعدة عن بيتها
. عندها ملك الفضول عليه نفسه ، فرغب أن يعيش هو نفسه تجربة التحول . فألح
على الخادمة أن تستجيب لرغبته ، فلم تمانع في ذلك ، و حين أحضرت له المرهم
المطلوب ، أخطأت في تناول العلبة المناسبة ، فكانت نتيجة ذلك أن تحول
لوكيوس بعد دهن جسده به إلى حمار . و راح يشاهد نفسه كيف أخذت تبرز في
جسمه كل أعضاء الحمار و كيف أخذ يتصف بجميع صفاته الظاهرة باستثناء عقله ،
الذي ظل عقل إنسان . فاسقط في يده و كذلك حبيبته الخادمة ، غير أنها وعدته
بأنها ستحضر له في الصباح التالي باقة من الورد ليأكل منها ، و يستعيد
بذلك شكله الإنساني . ثم قادته إلى الإسطبل ، ليقضي فيه ليلته مع حصانه و
حمار مضيفه ميلو . لكن لسوء حظه ، هاجم اللصوص البيت في الليلة نفسها ،
فحملوا المسروقات عليه و على زميليه، و قادوه تحت الضربات الكثيرة الموجعة
إلى مغارتهم في أحد الجبال ، و كانت تقوم على خدمتهم امرأة عجوز . و في
المغارة عاش حدثا آخر مروعا ، و هو أن اللصوص أحضروا معهم فتاة رائعة
الجمال ، كانوا قد اختطفوها يوم عرسها لابتزاز أموال أبيها ، فراحت تبكي
بكاء مرا تواصل طويلا و لم تسكت إلا عندما هددتها العجوز ، فراحت حينئذ
تروي لها حكاية لتسليتها ، هي حكاية آمور و بسيشة ، أو الحب و النفس . و
عندما عزم على الفرار ، امتطته ففر بها ، لكن اللصوص لحقوا بهما ، و
أعادوهما ، و كان من الممكن أن يعاقبوهما عقابا شديدا ، لو لم يحضر شاب
إلى مغارة اللصوص ، ادعى أن له تجارب كثيرة في ميدان اللصوصية ، و اقترح
أن يكون رئيسهم ، فوافقوا على ذلك ، و لم يكن هذا الشاب في واقع الأمر إلا
خطيب الفتاة المختطفة ، فأسكر اللصوص ، ثم قيدهم و فر بخطيبته بعد أن
أركبها فوق ظهر الحمار ( لوكيوس ) . حاولت الفتاة بعد نجاتها أن ترد
للحمار جميله ، فطلبت من والديها العناية به ، فأمرا بتسليمه إلى رئيس
الإسطبل لإرساله إلى المرعى مع الخيول . لكن ما إن وصل الحمار إلى المرعى
، حتى وجد معاناة جديدة في انتظاره . فقد استخدم في إدارة الرحى ، و فرض
عليه حمل الحطب من الجبل إلى السهل ، و لقي معاملة قاسية من الغلام الذي
يسوقه . كان عليه ذات يوم أن يحمل الحطب من جديد ، و إذا بدب يظهر أمامه و
يعترض طريقه ، فخاف منه و هرب ، لكن الخدم لحقوا به و أعادوه إلى رئيسهم .
و تبدأ مرحلة جديدة من حياة لوكيوس بعد موت الفتاة . فقد سرقه رئيس
الإسطبل و فر به . و بعد مغامرات أخرى وقع في يد مجموعة من رهبان الإلهة
السورية ايزيس ، فكان عليه أن يحمل تمثالهم أثناء تنقلهم . و كانت له معهم
تجارب مريرة أيضا ، و ناله منهم العذاب أكثر من مرة ، و لم يسلم من سطوتهم
إلا بعد أن اتهم الرهبان بسرقة قدح ذهبي و سجنوا . و أصبح له سيد آخر ،
فقد اشتراه طحان استخدمه في إدارة حجر الرحى ، و كانت زوجته تكره الحمار .
و انتقلت ملكيته بعد موت الطحان إلى بستاني ، فعانى عنده الجوع و البرد ،
و منه انتقلت ملكيته إلى جندي ، ثم إلى أخوين يعملان حلاويين و طاهيين عن
أحد الأغنياء ، فبدأت مرحلة رائعة بالنسبة إليه ، إذ صار يأكل بشكل كافي
من بقايا الأطعمة التي كان الأخوين يحضرانها من بيت سيدهم . غير أن تناوله
لهذه الأطعمة سرعان ما تحول إلى نزاع بين الأخوين : إذ اتهم أحدهما الآخر
بأكلها دون علمه ، ثم اكتشفا السر ، و حدثا سيدهما عن ذلك ، فأبدى السيد
اهتماما كبيرا بذوق الحمار و اشتراه منهما ، و قدمه لعتيق له للعناية به .
و علمه هذا ألعابا مختلفة نالت إعجاب الخاص و العام ، و أخذ يؤجره لمن
يرغب في خدماته المتنوعة . من ذلك أن صاحبه قرر تقديمه في عمل مخز على
المسرح ، لكنه أنقذ نفسه من تلك المهزلة بالفرار منه . و أخذ التعب منه
فنام حيثما اتفق له ، و حين استيقظ في منتصف الليل وجد نفسه على الشاطئ ،
فأغطس رأسه في البحر سبع مرات و تضرع إلى ملكة السماء أن تحرره من هيأة
الحيوان . و عندما عاوده النوم ظهرت له الإلهة ايزيس في حلمه ، و أخبرته
أنها استجابت لدعائه . و ما إن وصل الموكب العظيم لتمجيد إلهة كورنث حتى
لمح لوكيوس الكاهن و هو يحمل إكليلا من الورد ، فأسرع إليه و أكل منه ،
فاستعاد في الحين هيأته البشرية . فتحدث الكاهن عن قدرة الإلهة على إحداث
هذه المعجزة التي اندهش لها الناس ، و أمر لوكيوس بتكريس حياته لعبادتها .
فانضم إلى الموكب المتوجه إلى البحر لتدشين سفينة ، ثم عاد معه إلى معبد
الإلهة . و ظل بعدئذ وفيا لعبادتها إلى أن تم له في النهاية الاطلاع على
أسرارها ، فكان يتردد في روما على زيارة معبدها ، و بعد سنة من ذلك اطلع
أيضا على أسرار أوزيريس و نال الدرجة الثالثة من القدسية بعد فترة أخرى من
الزمن و صار كاهنا في نظام الرهبنة .