كان الموظفين قد تجمعوا من المكاتب الأخرى
المدير : آنسه ..أنا أؤيد وجهه نظرك وأعرف أنك مواطنه صالحه ومخلصه لعملك ...لكن ماذا نفعل وهذا هو القانون؟
صرخت كريستينا بحده : قانون ظالم ...لو كنت مكانك لما أطعت القانون
المدير : أرجوك سيده كريستينا لا تزيدى الأمر تعقيدا
سلمى : آسفه سيد بول ...لا أستطيع تنفيذ القانون ولن أخلع ملابسى
لم يعرف ماذا يفعل ...قال : عذرا آنسه سلمى ..سامحينى
لكنك لن تستطيعى البقاء فى الشركه
بدأ الموظفون بالإعتراض وزاد الهرج
قالت سلمى بشجاعه : حسنا...سأقدم استقالتى
ولكن ليعلم الجميع أنكم قد اعتديتم على حريتى وحقى فى العمل فى بلد حره وأفقدتمونى وظيفتى
المدير : لا....لا ...انها الحكومه ..
نظرت له وقالت بهدوء : ومن اختار الحكومه ؟؟؟
لم تنتظر الرد....قالت بتجهم : هل مسموح لى بجمع حاجياتى أم أن هذا ضد القانون ؟؟؟
أطرق المدير فى خجل : لا ..من حقك...خذى وقتك
رحل المدير ...وشرعت فى كتابة استقالتها ولم حاجياتها
التف حولها أصدقاءها واقتربت منها كريستينا.. قالت بقوه : لا لن ترحلى ستبقين رغم أنفهم جميعا
ابتسمت سلمى بحنان وفضلت عدم التحدث فى قضيه خاسره فقالت لها بتعاطف : كيف حال ابنك ؟؟؟
تذكرت كريستينا فقالت بحزن : مازالت حالته غير مستقره أتمنى بشده أن يشفى...لطالما دعوت ربى أن يشفيه
ادعى ربك من أجلى...من أجل أن يشفيه
سلمى : لماذا لا تدعيه بنفسك ؟؟؟انه يسمع كل انسان
كريستينا : حقا !!! حتى لو لم يكن مؤمنا به ؟؟؟
سلمى مؤكده : نعم
تدخل دانى بعد أن أدرك ما يمكن أن تفعله كلمات سلمى فى من حولها وقال ببغض وبعينين ملءهما الشماته :
ولماذا لا تدعينه ليردك الى وظيفتك ؟؟؟
ابتسمت وقالت : لأننى أعلم أنه يدخر لى الأفضل ؟؟
قال بسخريه : نعم ..النعيم الأبدى ...جنة الخالدين
قالت : ألا تؤمن بها ؟؟أليست من صميم معتقداتك ؟؟
أليست موجوده فى كتابك المقدس؟؟؟
قال بحقد : نعم ...وموجود أيضا أنها ليست لأمثالك
قالت بهدوء : أتعلم يا سيد دانى ....اننى لا أكرهك ...بل أشفق عليك
كان دانى يحاول أن يمسك أعصابه بمنتهى الصعوبه
فقال من بين أسنانه : أحمد الله أنك تركت الشركه حتى لا يضطرأحد للشفقة على
كان آلان يراقب المباراه الكلاميه بينهما باهتمام شديد كأنما يريد أن يعرف من منهما سيغلب
دانى : أمثالك لا يجب أن يبقوا فى فرنسا حتى لا يدنسوها بأفكارهم الخبيثه...لو أصبحت مديرا للشركه سأطردك أنت وأمثالك من الشركه شر طرده
اقتربت منه وواجهته بتحدى وقالت فى هدوء :
وانا ...اذا ما قدر الله لى العوده للشركه وأصبحت بمشيئته مديرة لها ....اقسم بالله العلى القدير ...وانت أول من يعلم أنى لا أكذب أبدا ...انى سوف أمنحك وظيفة رئيس القسم
قال بمقت شديد : هل تتظاهرين ببرودة الأعصاب .؟؟؟
أعلم حقدك وكرهك للآخرين
زفرت زفره حاره وقالت : أسأل الله أن يهديك
فقد أعصابه تماما ورفع يده ليلكمها وهو يقول :
أيتها السافله الساقطه .....
لم تتحرك سلمى من مكانها أبدا ...لكن يده لم تصل لوجهها
لأن يدا أخرى امتدت لتمسك بها بقوه...كانت يد آلان
الذى قال بغضب : هل تنتصر دائما بهذه الطريقه ؟؟؟
حاول أن تمد اصبعا لها حتى ترى ما سيحدث لك
تركت سلمى أثرا عميقا فى نفوس الجميع......ورحلت
الى أين ؟؟؟؟.....لا تعرف
كانت حزينه للغايه .....تفكر فى عملها الذى فقدته وامها المريضه التى تحتاج لمال لعلاجها...والقانون الجديد الذى سيزيد من تقليص فرص حصولها على عمل جديد
>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>
جلست سلمى فى مكانها المفضل الهادئ فى الحديقه العامه
وأخذت تراقب الطيور بشرود ....كانت الدموع تجاهد لتنزل من عينيها..............استسلمت لدموعها التى تطورت الى نحيب مؤلم
لم تدرى كم مر من الوقت وهى تبكى بهذه الطريقه
انتفضت عندما شعرت أن هناك من يراقبها
كان آلان يجلس على طرف المقعد يراقبها باهتمام فى صمت
ظهر على وجهها الضيق الشديد وهى تسأله فى غضب :
سيد آلان............هل كنت تتبعنى؟؟؟؟؟؟؟
ابتسم وقال فى صدق مستفز : نعم ...أردت أن أعرف ماذا تنوى أن تفعلى بعد ما حدث
قالت بغضب : هذا الأمر لا يعنيك.....انه شخصى للغايه
قال وكأنما لم يسمع ما قالته : أتعلمين ....لقد أثار اهتمامى بشده موقفك من دانى......واجهتيه وحدك بمنتهى القوه
حملقت فيه بتعجب شديد
أكمل : وأكثر ما يدهشنى ...أن كل من ساندتهم من قبل
لم يستطيعوا مساعدتك
قالت بصرامه : عندما فعلت ذلك لم أكن أنتظر أى مقابل
لا أحد منهم مدين لى بشئ
بل العكس ...ربما كنت أنا المدينه لهم
صمت قليلا يتأملها ....ثم قال فجأه :
ما رأيك أن تعملى باحدى شركات فرانسوا ديزيه؟؟؟؟
ألجمتها الدهشه......كانت تعلم أن شركات ديزيه قلعه مرتفعة الأسوار
فكرت قليلا ثم قالت بجديه:
عفوا سيد آلان ....أعتذر عن قبول عرضك الكريم
فأنا لا أصدق أنه بلا مقابل
قال : ولماذا صدقتك أنا
قالت : لم أطلب منك أن تصدقنى ....فى الحقيقه أنا لا أهتم ان كنت صدقتنى أم لا
كما أننى لم أعتد أن يمنحنى أحد أى شئ بلا مقابل
وخاصة أننى بالكاد أعرفك
كلما تحدث معها كانت رغبته فى الإقتراب منها تزداد
وفى تلك اللحظه راوده احساس عجيب بأنه لا يمكن أن يتركها ترحل ولا يراها ثانية
هز رأسه وهو يبتسم : أنت انسانه من الصعب الكذب عليها
بمنتهى الصدق ...اننى معجب بشخصيتك بشده
نظرت اليه بريبه : معجب بى .....أنا ؟؟؟؟
قال بتردد : فى الحقيقه أنه .....آآ أكبر قليلا من الإعجاب
آ....آ...أقصد أنه أكثر بكثير من مجرد اعجاب
صمتت مفكره ....ثم قالت بتهذيب :
سيد آلان ....أنا أحترم صدقك....ومن أجل هذا ...وبمنتهى الصدق ...أرفض عرضك الكريم
وقفت مستعده للرحيل وحملت أغراضها
قام وراءها : لكن انتظرى أنا.....
قالت بحزم : عفوا ..لقد انتهىالأمر..اسمح لى يجب أن أرحل
حاول أن يتبعها...أوقفته بصرامه : أرجوك....لا تتبعنى
............................................
أصيبت سلمى بالذهول عندما فتحت باب حجرة أمها بالمشفى فوجدت آلان يبتسم حاملا باقه جميله من الزهور
قال : لقد أتيت للإطمئنان على صحة السيده جمال الدين؟؟
تركته يدخل دون أن تنطق
عندما خرج ........سارت معه فى طرقات المشفى
قالت بغضب : بدأت أصدق أنك تتعقبنى
قال : أنا لم...........
ازداد غضبها : لقد أخبرتك من قبل الا تتبعنى
حول لهجته الى المرح بمهاره : ما رأيك أن أعرض الأمر على السيده جمال الدين ؟؟؟
قالت محذره : أمى ليس لها دخل بالأمر واياك أن تخبرها أننى تركت العمل
توقفت فجأه والتفتت اليه وقالت بشك : لماذا تصر كل هذا الإصرار على عملى فى شركات فرانسوا ديزيه؟؟؟
من أجل السبب الذى أخبرتنى به فقط ؟؟
قال : لا ...هناك أسباب أخرى....نشاطك ... كفاءتك فى العمل
ظهر على وجهها عدم الإرتياح فقال بسرعه:
واخلاصك.....لم أر انسانا مخلص لعمله ولزملاءه مثلك
اسمعى ...انه عمل ........محض عمل واذا لم تشعرى بالراحه فاتركيه فورا
قالت بعد تفكير : من أين أتتك الثقه أنهم سيقبلون بى ؟؟
قال بشئ من الغرور : لأننى أنا آلان فرانسوا ديزيه
قال بسرعه قبل أن ترد : هذا هو العنوان والتليفون
والدى سينتظرك فى العاشره من صباح الغد...وداعا
قبل أن تنطق ...لم تجده أمامها
.......................................
دخل آلان مكتب والده المنهمك فى عمله وقال بمرح :
مرحبا أبى ...اشتقت اليك
قال بلا مبالاه دون أن يرفع عينيه عن الأوراق التى أمامه :
مرحبا ...هل آن للصقر الشارد أن يعود الى عشه ؟؟
قال : ليس بعد
زفر الأب بضجر : لماذا حضرت اذا ؟؟؟؟
لأنه يعرف أن وقت والده ثمين جدا قال مباشرة :
أريد وظيفه لفتاه فى الشركه
الأب : هل تعرفها؟؟؟؟
آلان : نعم ......انها زميلتى فى الشركه التى أعمل بها
الأب دون أن يحول عينيه عن الأوراق التى أمامه:
هل أخبرك أحد من قبل أنى أخلط العلاقات الشخصيه بالعمل؟
آلان : لا ......لكن هذه الفتاه مختلفه......فهى ذات كفاءه عاليه
ابتسم الأب بسخريه دون أن ينظر اليه : ولو ....قواعد العمل لدى ليس فيها استثناءات
آلان يحاول أن يرقق قلبه : حتى لو من أجل الإبن
الأب بسخريه لاذعه : هـــــــا......انظر من يتكلم !!!!!
عندما تبدأ لعبه لا يحق لك ابدا الشكوى من قوانينها
فهم آلان الآن ماذا كانت سلمى تقصد عندما قالت له :
(من أين أتتك الثقه أنهم سيقبلون بى ؟؟)
فكر قليلا ثم قال : حسنا ...أنت تفوز
لدى عرض لن ترفضه .........انها مقايضه ....
اذا نفذت طلبى ....فسأنفذ طلبك
لأول مره منذ بدء الحوار يترك الأب الورق المنهمك به وينظر لإبنه باهتمام ويقول بشك : حقا !!!!!!!
آلان بصدق : نعم ...اذا حصلت الفتاه على العمل.فسأعمل هنا فورا
ضاقت عيناه وهو يقول بريبه : من تكون هذه الفتاه ؟؟؟
ابتسم آلان عندما شعر بقرب حصوله على ما يريد :
ستراها عندما تأتى لمقابلتك غدا
الأب باستنكار : غدا !!
آلان بسرعه وهو يفتح الباب ليرحل : غدا فى العاشره صباحا ستأتى ....وستحصل على الوظيفه
الأب بسرعه : انتظر .....متى ستعود للبيت ؟؟؟
أمك تريد أن تراك
قال وهو يبتسم : سأمر عليها .....أراك غدا...وداعا
أخذ الأب يفكر فى تلك الفتاه التى استطاعت أن تنجح فيما فشل هو وزوجته فيه
أن تعيد الصقر الشارد الى عشه