ذئاب في المدينة ........بقلمي

كانت هناك فتاة إسمها سارة تعيش في إحدى القرى مع عائلتها المتواضعة التي تتكون من إخوتها وأخواتها ووالديها وكانت هذه العائلة تحترم بعضها البعض فالكلمة الأولى والأخيرة ترجع للأب فهو الآمر الناهي وكلمته فوق الجميع فلا يخالف له رأي ولا يعصى له أمر

وكانت سارة مجتهدة في دراستها فقد كانت تدرس في الطور الثانوي وهي مقبلة على شهادة الباكالوريا وكانت الثانوية التي تدرس فيها لا تبعد عن منزلهم إلا بأمتار فما إن تخرج من الثانوية حتى تعود إلى البيت لأنها فتاة متخلقة وهي تعلم العاقبة التي ستؤول إليها لو شاهدها أحد إخوتها تكلم شابا ولو حتى في أمور الدراسة فهي من أسرة محافضة وهذه الأمور عندهم غير مسموح التلاعب بها وقد حدث يوما أن أحد الشباب المتهور عاكس أختها فرآه أحد إخوتها فأشبعه ضربا حتى كاد يقتله لولا تدخل المارة

حان موعد شهادة البكالوريا فأستعدت سارة للإمتحان فكانت تراجع وتحضر بجد كبير فلا تنام إلا الساعات القليلة ولا أحد كان يشك في قدرتها على إجتياز الشهادة فالكل يعرفها تلك الفتاة المجتهدة فأساتذتها يقدرونها ويحترمونها لأخلاقها وأدبها وتفوقها في الدراسة

مرت الإمتحانات وأجتازتها سارة بجدارة وأمتياز مستحقين فقد تحصلت على أعلى المعدلات ففرحت أسرتها كثيرا وأقامت لها حفلا رائعا ولكن بقي هناك إشكال أمام عائلتها وهو كيف سيسمحون لسارة بدخول الجامعة وهم من أسرة محافضة لا تسمح للفتاة بالإبتعاد عن البيت والمبيت خارجه في الإقامة الجامعية وخاصة أن الجامعة في المدينة وهي بعيدة عن البيت بمئات الكيلو مترات وسارة لا تستطيع الذهاب ثم العودة يوميا من البيت إلى الجامعة فإن أرادت الدراسة فعليها أن تتبع القانون الداخلي للجامعة فلا تعود إلى البيت إلا كل أسبوع

ترجت سارة والدها بأن يتركها تتابع دراستها وتحقيق حلمها في أن تصبح طبيبة فرفض الأب بحجة أن الجامعة بعيدة وهو يخاف على إبنته من ذئاب المدينة فهو يشاهد ما يحدث في الجامعات من إنتهاك للحرمات خاصة أن الجامعات مختلطة وهو لا يريد أن يتحدث الناس عنه ويقولون أنه ترك إبنته تذهب للجامعة ولكن إلحاح إبنته وبكائها جعلاه يراجع قراره ويسمح لإبنته بمواصلة الدراسة ولكن إخوتها عارضو هذا الطلب المستحيل في نضرهم فكيف يسمحون لها بالمبيت خارج المنزل وكيف يتحملون نضرات الناس إليهم ولكن قرار الوالد المظطر أمام بكاء إبنته كان فوق الجميع فهو قد قرر وقراره لا يناقش . ففرحت سارة وشكرت والدها الذي خرق قانون العائلة وسمح لإبنته بالدراسة رغم المعارضة الشديدة لإخوتها وهي لا تعلم بما أخفى لها القدر في هذا الطريق المليئ بالمخاطر

بدأت الدراسة ومعها بدأت سارة حياتها الجديدة في الجامعة وفي بادء الأمر كانت ملتزمة خلوقة ليس لها إلا القليل من الصديقات وليس لها طريق آخر إلا من الجامعة إلى الإقامة ولكن دوام الحال من المحال وكما يقال مهما طال الزمن على اللحم فوق النار فلا بد أن يحترق .

وقد طلبت منها بعض صديقاتها السهر في بعض المراقص والفنادق فكانت ترفض ذلك حتى جاءت تلك الليلة المشؤومة التي بدأت فيها حياة الإنحراف..فقد دعتها إحدى صديقاتها لحضور عيد ميلادها فوافقت على الحضور....وكانت حفلة مختلطة بين النساء والرجال فلاحضت شخصا وسيما كان يرمقها بنضرات عسلية ثم بعث لها رسالة مع إحدى صديقاتها أخبرها أنه معجب بها ويريد التعرف عليها فرفضت ولكن صديقاتها وصفنها بالمتخلفة وشجعنها على التعرف به ...فمن لا يريد التعرف بفريد الشاب الوسيم الذي يملك المال الكثير فكل صديقاتها يحسدنها على هذا ...فقررت تجريب هذه المغامرة ونسيت نصائح والدها الذي حذرها من ذئاب المدينة وما فريد إلا واحدا من أشرسهم.

وبدأت سارة تقيم المواعيد مع فريد وتخرج معه إلى حيث يريد حتى جاء ذلك اليوم المشؤوم الذي دعاها إلى شقته فكانا وحدهما والشيطان ثالثهما فوقع ما وقع وفقدت سارة أعز ما تملكه كل فتاة في غفلة من أمرها ولكن صديقاتها طمأنها فهو عريس المستقبل فهدأت قليلا

ولكن فريد بدأ يتهرب منها وفي مرة من المرات أخبرها بأن صديقه يريد أن يقيم علاقة معها فصعقت لما سمعت فأدركت أنها وقعت فريسة لذئب من ذئاب المدينة فصفعته وتوجهت إلى غرفتها وبدأت تندب حضها فكيف أصبحت من فتاة عفيفة إلى مومس تسير بالمواعيد ..ويلها ماذا ستقول لوالدها وإخوتها ..وأدركت لماذا منعها إخوتها من الإلتحاق بالجامعة...فقررت الإنتحار ولكن كيف تترك ذلك الذئب الذي إفترسها..وسيفترس غيرها ...فرسمت خطة للإيقاع به ...فأتصلت به وأعتذرت منه على ما بدر منها وضربت له موعدا في شقته فأتى في الحال..فملأت كأسين من العصير ووضعت فيهما سما قاتلا ..ووضعتهما على المائدة فشرب الإثنان كأس الموت معا بعد أن ذاقت كأس الرذيلة لوحدها فسقطا جثتيتين هامدتين ولم يعثروا عليهما حتى ملأت رائحتهما النتنة المكان

أما عن أسرة سارة فقد رفضوا إستلام جثة إبنتهم التي لطخت سمعتهم وجلبت لهم الفضيحة والعار فدفنت في مكان مجهول.